Senin, 22 November 2010

الفلسفة


الفلسفة 

منو حسني

الفلسفة كلمة يونانية تعني (محبة الحكمة) . وكان اليونان يعتقدون أن الحكمة تهبط من السماء وهي تمد العقل بالمعرفة, فالمعرفة عندهم مستوحاة من وراء ظواهر الكون المادية (ما وراء الطبيعة) وقد وضعوا لتفسيرها قواعد تقوم على الاستنتاج العقلي عرفت بالمنطق وبها ارتبطت جميع علومهم وتقيد بها سلوكهم الأخلاقي.
وقد انتشرت فلسفتهم في المشرق مع غزو الإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد. ثم تأثرت بها اليهودية والمسيحية ونشأت عنها مذاهب فلسفية, أهمها مذهب الأفلاطونية الحديثة الذي عرفت به مدرسة الإسكندرية .
ولما ظهر الإسلام وجه العرب إلى معرفة الله بتأمل آثاره الماثلة في ظواهر الكون وفي خلق الإنسان دون التخطي إلى ما وراء ذلك من المغيبات, لأن علمها مخصوص بالله, فهو عالم الغيب, لا يعلمه إلا هو.
وكان القرآن هو المصدر الأساسي للفكر الإسلامي, وهو وحده غذاء العقل والشعور, منه يستمد المسلمون أحكام دينهم ودنياهم ومنه يتلقون نهجهم الأخلاقي المدعوم بالإيمان بالله, دون الخوض فيما وراء ذلك من المغيبات لكي يشتغلوا في أمور ليست في طاقة العقل البشري المحدود, وفي حياة النبي صلى الله عليه وسلم طرحت مسألة القدر, وهي أخطر المسائل الغيبية التي تشغل عقل الإنسان, ومنها تفرعت أهم القضايا الفلسفية, وما زالت تشغله حتى الآن.
وخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يشغل المسلمون عقولهم في أمر قد يضلهم ويصرفهم عما دعا إليه الإسلام فنهى عن البحث فيه.
ففي حديث رواه أبو هريره قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر, فغضب حتى أحمر وجهه, حتى كأنما فقئ في وجنتيه حب الرمان فقال: أبهذا أمرتم, أم بهذا أرسلت إليكم, إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر وعزمت عليكم ألا تنازعوا فيه, وقال: لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره, وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه . وقد روي أن عمر بن الخطاب ضرب رجلا يبحث في القدر.
كان هذا في العصر الإسلامي الأول, فلما أقبل العصر الثاني واستقر المسلمون في البلاد المفتوحة, كان الكثير من أهل تلك البلاد قد أسلم, ومن لم يسلم ظل على دينه, ولم يكره على الدخول في الإسلام.
وقد خالط المسلمون أصحاب الديانات واطلعوا على ما للمغيبات عندهم من تفسير ومنها ما يتعلق بصفات الله تعالى وطبيعة المسيح, ومنها ما يتعلق بالقدر وحرية الإرادة ومنها ما يتعلق بالإيحاء الإلهي ومنها ما يتعلق بمصير الإنسان بعد الموت.
وقد ساهمت هذه القضايا في إعداد أنماط جديدة لأفكار فلسفية ودينية. كذلك كان للفلسفة اليونانية دورا كبيرا في إعطاء العقل دوره في تفكير الإنسان وأعماله والاستعانة بالمنطق اليوناني في دعم دوره, وبذلك قامت صلة وثقى بين الإسلام وبين الفلسفة اليونانية وما تفرع عنها من علوم.
وقد أقبل المسلمون على نقلها إلى لغتهم وناطوا ذلك بمن يحسن العربية واليونانية أو السريانية التي نقلت إليها, وأنشئت دور للترجمة عرفت بدور الحكمة,
وكان الرشيد أول من أنشأها ثم تأسى به كثير من الخلفاء والأمراء والوزراء, وكان من أهمها بيت الحكمة في مصر وقد أنشأه الحاكم بأمر الله الفاطمي, فيما عدا المكتبات الكبيرة التي جمعت الكتب المترجمة في عواصم الدولة الإسلامية في المشرق والمغرب ومن أشهرها المكتبة التي أنشأها الحكم المستنصر بالله الأندلسي في قرطبة .
وكان من أشهر المترجمين محمد بن موسى الخوارزمي (ت: 232هـ) ويوحنا بن ماسويه (ت: 243هـ) وحنين بن إسحاق (ت: 260هـ) وإسحاق بن حنين (ت: 238) وحبيش الأعسم (ت: 275هـ).
أما الفلاسفة فكانوا يعرفون في العصر الإسلامي الأول والثاني بالمتكلمين وهم الذين تأثروا بقواعد المنطق اليوناني في الدفاع عن الإسلام في مواجهة أصحاب الديانات والمذاهب الأخرى ومنهم المعتزلة وأشهرهم واصل بن عطاء (ت: 131هـ) وعمرو بن عبيد (ت: 144هـ) والنظام (ت: 231هـ) وأبو الهذيل العلاف (ت: 235هـ).
ثم اتسع نطاق الفلسفة في العصر الإسلامي الثالث وما بعده وباشرها كثير ممن اختصوا بعلوم الأوائل (العقلية) وفيهم الطبيب والرياضي والفلكي والموسيقي ومن أشهرهم الكندي (ت: 260هـ) والفارابي (ت: 339هـ) والجاحظ (255هـ) وأبو الحسن الأشعري (ت: 324هـ) ومسكويه (ت: 421هـ) وابن حزم (426هـ) وابن مسرة (ت: 319) وجماعة إخوان الصفا .
وعن طريق الفلسفة استطاعت بعض الأفكار ذات الأصول اليهودية والمسيحية واليونانية والفارسية والهندية أن تنفذ إلى العقيدة الإسلامية فتتوزع في فرق مختلفة, ويشتط بعضها في الفرقة فيأخذ بنظرية الحلول الإلهي ومنها من يعتقد بألوهية علي بن أبي طالب ومنهم من يعتقد بألوهية ابنه محمد بن الحنفية ومنهم من يعتقد بألوهية الحاكم بأمر الله الفاطمي, ثم اتسع الأخذ بنظرية الحلول فشمل الاعتقاد بأن روح الإنسان بعد موته تحل في إنسان آخر أو تحل في حيوان, ومنها من أخذ بنظرية الرجعة, فادعى رجعة من ادعى ألوهيته, ومنها من تأثر بمذهب مزدك الفارسي فدعا إلى شيوعية الأموال والنساء لكي يتساوى الناس فيما يختلفون فيه, وكانت هذه الدعوة إحدى الأسس التي قامت عليها ثورة الزنج والقرامطة.
وهنا ندرك الحكمة من نهي النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من الخوض في المغيبات وأهمها

Tidak ada komentar:

Posting Komentar